نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
أذربيجان تعزز تحالفها مع الكيان الإسرائيلي عبر اتفاقية للتنقيب عن النفط - الصبح, اليوم الأربعاء 19 مارس 2025 03:11 مساءً
يظل التغير المستمر هو الثابت الوحيد في هذا العالم، إذ أدخل النظام العالمي القائم، بسياساته المعقدة، العالم في حالة من الفوضى، وأرسى قواعد هيمنت عليها الكتل الغربية، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية وحلف الناتو.
وفي خضم التوترات الدولية المتصاعدة، برزت سياسات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب كعامل رئيسي في إعادة تشكيل المنطقة وفقًا لمصالح الولايات المتحدة وحليفتها إسرائيل، التي لم تتردد في تجاوز القوانين والأعراف الدولية، بما فيها المعاهدات والاتفاقيات، في سعيها لرسم خريطة جديدة تتماشى مع المشروع الأمريكي المعروف بـ “الشرق الأوسط الجديد”.
وبينما لا تزال المنطقة تعيش على وقع الأزمات، أبرمت أذربيجان اتفاقية مع الكيان الإسرائيلي للتنقيب عن الغاز يوم الاثنين الماضي، خلال لقاء جمع وزير الاقتصاد الأذربيجاني ميخائيل جاباروف ونظيره الإسرائيلي إيلي كوهين، بعد تأجيلها سابقًا بسبب العدوان الإسرائيلي على غزة.
وأعلنت وزارة الطاقة الإسرائيلية أن ائتلافًا يضم شركة “سوكار” الأذربيجانية، و”بي بي” البريطانية، و”نيو ميد إنيرجي” الإسرائيلية، حصل على حقوق التنقيب في المناطق البحرية المحتلة بفلسطين. وستكون أمام هذه الشركات مهلة تمتد لثلاث سنوات لإجراء المسح السيزمي بهدف تحديد إمكانات وجود احتياطيات من الغاز.
وبحسب تقرير نشره موقع “كاليبر دوت إيه زد”، فقد احتلت إسرائيل المرتبة السادسة بين أكبر مستوردي النفط من أذربيجان عام 2022، بإجمالي واردات بلغت 713 مليون دولار، وفق بيانات اللجنة الوطنية للجمارك.
تحالف استراتيجي متنامٍ
تعكس هذه الاتفاقية جهود إسرائيل المستمرة لتعزيز علاقتها مع أذربيجان، التي ترى فيها شريكًا مهمًا في مواجهة إيران المجاورة، إذ يعتمد الطرفان على بعضهما البعض في مجالات الطاقة والتعاون العسكري.
العلاقات بين البلدين ليست وليدة اللحظة، بل شهدت تطورًا كبيرًا خلال السنوات الماضية، خاصة في الجوانب العسكرية والاقتصادية والتكنولوجية. فقد لعبت إسرائيل دورًا رئيسيًا في دعم القدرات الدفاعية لأذربيجان، وهو ما انعكس بشكل واضح خلال نزاعها مع أرمينيا.
في أعقاب حرب كاراباخ الثانية عام 2020، خرج الأذريون إلى شوارع باكو رافعين الأعلام الأذربيجانية والإسرائيلية، احتفالًا بالنصر على أرمينيا في 10 نوفمبر 2020، في مشهد يعكس عمق العلاقات بين الطرفين.
ومن المؤشرات اللافتة على هذا التقارب، مدينة “شيتل”، التي تقع على بُعد ساعتين إلى ثلاث ساعات من العاصمة باكو، وتُعرف بأنها واحدة من أكبر المجتمعات اليهودية خارج إسرائيل والولايات المتحدة، حيث يقطنها حوالي 4000 شخص، ويُطلق عليها أحيانًا “القدس القوقازية”.
تعاون عسكري واستراتيجي متزايد
على مدى السنوات الماضية، توسع التعاون العسكري بين أذربيجان والكيان الإسرائيلي ليشمل مجالات الدفاع والتكنولوجيا والصناعة العسكرية. وأصبحت أذربيجان ثاني أكبر مستورد للأسلحة الإسرائيلية عام 2019، إذ اعتمدت بشكل أساسي على شركات دفاع إسرائيلية مثل “إلبيت”، و”آي دي إس”، و”رافائيل”، مما منحها تفوقًا عسكريًا على أرمينيا، وأسهم في حسم حرب كاراباخ لصالحها عام 2020.
لم يقتصر التعاون على الأسلحة التقليدية، بل شمل أيضًا بناء سفن مزودة بصواريخ بمدى 25 كم، وتطوير أنظمة ملاحة حديثة لقوات خفر السواحل الأذربيجانية.
مخاوف من مشروع “القرى الذكية”
عقب استعادة أذربيجان السيطرة على مناطق ناغورنو كاراباخ عام 2020، سمحت لإسرائيل بتنفيذ مشاريع إعادة إعمار تحت مسمى “القرى الذكية”، التي تعتمد على تقنيات متطورة مثل الإنترنت فائق السرعة، والخدمات الصحية الإلكترونية، والطاقة المتجددة، والتعليم الرقمي.
إلا أن إيران تنظر إلى هذه المشاريع بعين الريبة، معتبرةً أنها تعزز النفوذ الإسرائيلي في القوقاز، وتعيد تشكيل ميزان القوى الإقليمي لصالح تل أبيب.
وفي هذا السياق، كشفت صحيفة “هآرتس” عن تحقيق استقصائي يُظهر أن إسرائيل باعت لأذربيجان معدات عسكرية بمليارات الدولارات مقابل النفط، كما وفرت لها قاعدة استخباراتية متقدمة بالقرب من الحدود الإيرانية. ووفقًا لمصادر استخباراتية، يُعتقد أن جهاز “الموساد” الإسرائيلي يستخدم الأراضي الأذربيجانية لمراقبة إيران، وربما كان لها دور في عمليات تهريب الأرشيف النووي الإيراني إلى تل أبيب.
تداعيات إقليمية خطيرة
يثير التحالف الأذربيجاني – الإسرائيلي قلق إيران، التي ترى في هذا التقارب تهديدًا مباشرًا لأمنها الإقليمي. كما أن مشروع “القرى الذكية” يثير المخاوف من إمكانية استخدامه كمنصة لعمليات استخباراتية وهجمات سيبرانية تستهدف إيران.
في النهاية، يبدو أن التحالف بين أذربيجان والكيان الإسرائيلي يندرج ضمن استراتيجية أوسع تهدف إلى إعادة ترتيب المنطقة بما يخدم المصالح الأمريكية والإسرائيلية، من خلال استخدام أدوات القوة الناعمة، وخلق توترات داخلية، وإبقاء الدول العربية والإسلامية تحت الضغط السياسي والأمني المستمر.
المصدر: بريد الموقع