أخبار عاجلة
رجي: لعودة سريعة للنازحين السوريين - الصبح -

التوازن المالي المفقود - الصبح

التوازن المالي المفقود - الصبح
التوازن المالي المفقود - الصبح

د. محمد الصياد

لماذا لم يعد التوازن المالي، أي تحقيق التعادل في الموازنات العامة للدول بين المصروفات والإيرادات، من بين أولويات أو حتى اهتمامات معظم حكومات بلدان العالم؟
بحسب بيانات مجموعة الاستجابة العالمية للأزمات التابعة للأمم المتحدة (UN Global Crisis Response Group)، فقد سجل الدين العام العالمي رقماً قياسياً في عام 2023، بلغ 97 تريليون دولار أمريكي، كان نصيب الدول النامية منه حوالي الثلث (29 تريليون دولار)، ترتب عليه دفع الدول النامية المدينة في نفس العام ما مجموعه 847 مليار دولار أمريكي في صورة صافي مدفوعات الفائدة على هذه الديون، حيث إن 54 دولة نامية أنفقت أكثر من 10% من إيراداتها على مدفوعات الفائدة الصافية، و48 دولة نامية أنفقت على مدفوعات الفائدة أكثر مما أنفقته على التعليم أو الصحة. وليس هناك ما يوقف شهية الدول للاستدانة، فكل التوقعات تشير إلى استمرار تضخم إجمالي الدين العام العالمي بوتيرة أسرع (أضاف إلى رصيده حوالي 5 تريليونات دولار في 2024) في السنوات المقبلة.
ولو ألقيت نظرة على قائمة الدول المدينة في العالم، فلن تجد بينها سوى 10 دول فقط، مصفوفة في خانة الدول المنخفضة المديونية كنسبة مئوية من إجمالي ناتجها المحلي. وهي: هونج كونج بنسبة 2.1%، بروناي بنسبة 2.5%، أفغانستان بنسبة 7.4%، تيمور-ليستي «Timur-Leste» أو تيمور الشرقية بنسبة 9.4%، تركمانستان بنسبة 11.1%، توفالو «Tuvalu» (دولة جزرية تقع بالقرب من فيجي في المحيط الهادئ، بمساحة لا تتجاوز 25 كيلومتراً مربعاً وعدد سكان لا يتجاوز 12 ألف نسمة)، الكويت بنسبة 11.7%، جزر سليمان «Solmon Islands» بنسبة 13.7%، جمهورية الكونغو الديمقراطية بنسبة 16.5%، وروسيا بنسبة 17%. ومن بين حوالي مئتي دولة وجزيرة في العالم، مدينة بنسب متفاوتة، هناك حوالي 20 دولة، من بينها بعض الدول العربية وكبريات الدول الرأسمالية المتقدمة، التي تتجاوز نسبة إجمالي دينها العام إلى إجمالي ناتجها المحلي، 100%، تأتي في مقدمتها اليابان وأمريكا وسنغافورة وإيطاليا وفرنسا وبلجيكا وإسبانيا وبريطانيا والبرتغال وكندا وتشيكيا والمالديف.
وبما أن أمريكا تشكل عملياً، منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية، المرجعية الدولية للسياسات الاقتصادية العالمية الكلية (التجارية والمالية {ذات الصلة بالضرائب والرسوم والأسعار}، والنقدية {ذات الصلة بأسعار الفائدة وأسعار الصرف والتضخم})، فمن الطبيعي أن تكون طبيعة الأداء المالي في بقية العالم، نسخة مطابقة تقريباً لما هو حاصل في أمريكا. فأمريكا هي التي دشنت عصر اللا توازن المالي من خلال السماح المتواتر لمراكمة العجز في موازناتها المالية السنوية وعدم الاكتراث بوضع حد له. سياسة اشترك فيها الحزبان المتقاسمان للسلطة: الديمقراطي والجمهوري. وباستثناء بيل كلينتون الذي حقق توازناً في الميزانية، فإن عجز الموازنة الأمريكية هو من السمات الملازمة للسياسة المالية الأمريكية. لكن، حتى التوازن الذي حققه كلينتون، سرعان ما تبعه ركود عميق.
الآن، مع عودة الرئيس ترامب والجمهوريين إلى البيت الأبيض، عاد الحديث من جديد عن «هدر الحكومة»، حيث يقود إلون ماسك على منصته «X» (تويتر سابقاً) حملة إلغاء بنود في الميزانية الأمريكية، بل وحتى إدارات حكومية بأكملها. جو بايدن كرس حياته المهنية لخفض الضمان الاجتماعي والرعاية الطبية ومزايا المحاربين القدامى، تحت شعار وقف الهدر في الميزانية.
في السابق، كان الصناعيون يجادلون بالنسبة لتطبيق سياسات التقشف أن الإعانات الفيدرالية «Subsidies» للمؤسسات الخاصة (مثل تيسلا وسبيس إكس) «فعّالة»، في حين أن الإنفاق الاجتماعي يشكل «هدرا». وهذا جزء من التنظير السائد في الاقتصاد السياسي الرأسمالي. بعد وقت قصير من توليه منصبه، خفض رونالد ريجان الضرائب والإنفاق الاجتماعي في حين زاد الإنفاق العسكري. إنما معظم الأمريكيين الناشطين اليوم على السوشيال ميديا، صار لهم رأي آخر. إذ يعتقدون بأن الكثير مما تفعله الحكومة الفيدرالية لا ينبغي أن تفعله. على سبيل المثال، لماذا كل هذه الميزانيات الفلكية لمؤسسات غير إنتاجية مثل مكتب التحقيقات الفيدرالي ووكالة المخابرات المركزية؟ لماذا تمول الولايات المتحدة إسرائيل وأوكرانيا وتسلحهما من أموال دافعي الضرائب؟ لماذا تعمل الحكومة الفيدرالية على عسكرة الشرطة من خلال إنتاج «فائض» عسكري لتزويدها به؟ وغيرها من الأسئلة التي ارتفعت نبرتها مع عودة ترامب للبيت الأبيض.

* خبير بحريني في العلاقات الاقتصادية الدولية

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صحيفة الخليج ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صحيفة الخليج ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق الجيش لـ«الدعم السريع»: الاستسلام أو الهروب - الصبح
التالى استشاري لـ «عكاظ» : أدمغة الأطفال تمتص 60% من اشعاعات الهواتف المحمولة - الصبح